عبد الرحمن دركزللي

Linguistic studies. Short Stories. Literary. Grammer

صورتي
الاسم:
الموقع: الإمارات العين, الجمهورية العربية السورية حلب, Syria

مدرس اللغات القديمة بجامعة حلب، معار إلى جامعة الإمارات، 0507301891 adarkazalli@uaeu.ac.ae يرجى استخدام الوصلة التالية للاطلاع على مقالات أدبية وقصص مترجمة للمؤلف http://darkazalli.blogspot.com

2007/07/08

المحظور اللغوي Taboo

المحظور اللغوي Taboo

د. عبد الرحمن دركزللي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


يلاحظ الناظر في المعجمات، ولا سيما الإنكليزية منها، وجود لفظة taboo إلى جوار بعض الكلمات، فما المراد بذلك؟ والجواب عن هذا السؤال هو أن الكلمات التي وضعت لفظة ″تابو″ بجوارها تعدّ محظورة من الناحية اللغوية ولا يجوز استخدامها.
وكلمة (تابو) كلمة تونغانية Tongan تدل على عبادة سادت الشعوب البولونيزية Polynesian وشعوب جنوب البحر الهادئ. ويرى فرويد أن هذه العبادة البدائية نشأت من جراء قتل الأبناء أباهم؛ مما أشعرهم بالذنب ،وجعلهم يخافونه ويتهيبونه.
والحظر اللغوي أمر معروف في جميع لغات العالم، وليس قصراً على واحدة منها، أما العوامل الداعية إليه فكثيرة، لكن أبرزها أربعة، هي:
ـ الخجل.
ـ القرف.
ـ الخوف.
ـ التقديس.
ولقد استخدم الإنسان عدة طرائق لتفادي استخدام الكلمات المحظورة، يمكننا حصرها في الطرائق التالية:
ـ استخدام بدائل (مترادفات).
ـ استعمال الكلمات الأجنبية.
ـ الرمز والكناية.
ـ التشويه / اللفظي.
ـ التمهيد / التطويق.
والآن دعونا نتفحص الأسباب الأربعة التي ذكرناها آنفاً:
الخجل
وهو يشمل ما يتصل بالجنس والعورات والمحارم. فالعربي مثلاًٍ يخجل من ذكر الاسم الصريح لزوجته وبناته، وإذا اضُطرّ إلى ذلك استخدم البدائل، مثل بنت عمي / أهل بيتي / عيلتي...
المتنبي مثلاً رثى أخت سيف الدولة أمير حلب فلم يذكر اسمها الصريح، بل قال:
كأن (فعلة) لم تطرق مواكبها ديار بكر ولم تخلع ولم تهب
وهنا نلاحظ أنه استخدم الوزن الصرفي (فعلة) بدلاً من الاسم الحقيقي (خولة).
وعندما يُسأل العربي عن اسم أمه / أخته / زوجته يشعر بالغضب ويحس بالحرج، لذلك نرى القوم يمهدون للاسم بـ : (أختي/ أختنا).
والغريب في الأمر أننا نجد الشخص العادي يأنف من ذكر اسم زوجته وبناته مع أن أسماء أزواج رسول الله " وأسماء بناته معروفة ! وهذا أعجب العجب.
ويتضح لنا الخجل تماماً في حالة استخدام الألفاظ التي تتصل بالجنس:
ـ فالكلمة الأساسية لعضو المرأة kss ولكنهم يستخدمون له كثيراً من البدائل، سواء في الفصحى أم في العامية، ففي الفصحى نجد (الفرج) (الحرث) (العورة) (السوءة) (الحر) (الهن) وفي العامية نجد (العش) (الجفنّ) (المشقليز) (الفلق) (الشفتور) (الشليف) (الكي) ( الشقدوف) ( الباشا).
ـ والكلمة الأساسية لعضو الرجل ayr ولها بدائل في الفصحى (الذكر) (القضيب) (الزب). وفي العامية (الماخود) (التبع) (الخال) (التمراية) (الحمامة) (الشرّابة) (الضربان) (الشرطي) (الخواجة) (الأنكل) (الكوكية) (العصفور)...
ـ والكلمة الأساسية للعملية الجنسية هي nyk ولها بدائل كثيرة في الفصحى: (الرفث) (المباشرة) (الإفضاء) (الدخول) (المس) (الإصابة) (الطمث) (الجماع) (الوطء) (المواقعة) (المضاجعة) (الغشيان) (الإتيان) (القُرب)...
وفي العامية (الطرق) (الخرط) (الدك) (السمط) (التقبين) (الكبس) (اللبخ)..
وقد كان القرآن الكريم في غاية الحشمة؛ إذ لم يعبر بصريح العبارة عن العملية الجنسية، وإليك قائمة بالبدائل التي استخدمها:
ـ النكاح { }.
ـ الرفَث { }.
ـ المباشرة { }.
ـ القُرب { }.
ـ الإفضاء { }
ـ الدخول { }.
ـ الملامسة { }.
ـ التغشية { }.
ـ الطمث { }.
ومن الجدير بالذكر ههنا أن الألفاظ بحد ذاتها لا يمكن أن تصنف على أنها بذيئة dirty لأنها ليست سوى تجمع للأحرف ونحن لا نعرف لماذا تعد كلمة ″قحبة″ مثلاً من المحظور اللغوي، على حين تعد كلمة ″بغي″ مقبولة بدليل استخدامها في القرآن الكريم، كما أن الإنكليز لا يعلمون ما الذي جعل كلمة vagina ″فرج″ مقبولة على حين عُدت مرادفتها cunt من المحظور، وفي العربية يستخدم العلماء كلمة ″قضيب″ في الكتب، حتى المدرسية منها، على حين تعد مرادفاتها من المحظور! على أن بعض اللغويين يرى أن ذلك يرجع لأسباب دينية أو اجتماعية، فكلمة bloody ″دموي″ مثلاً تعد في الإنكليزية من المحظورات، بدليل أنهم لا يكتبونها بشكل كامل، بل يستخدمون مختصراً لها ″b….y″ تُرى هل لأنها تدل على دم المسيح كما زعم بعضهم [انظر كتاب Social Aspects of Language , p 266 ] ؟؟
وأخيراً يتساءل المرء: هل كثرة المفردات تدل على نفسية الشعب الذي أنتجها ؟؟ أي هل تدل مثلاُ كثرة المترادفات على شيء معين؟ في العربية مثلاً نجد: عاهرة / بغي / ساقطة / زانية / فاجرة / فاسقة.. هل هذه الكثرة تدل على أن العرب منحلون أخلاقياً؟ لئن صح هذا فإن الإنكليز موصومون بالعُهر لكثرة ما لديهم من مرادفات لكلمة : عاهرة prostitute / cocotte / whore / harlot / bawd / tart / cyprian / fancy woman / working girl / sporting lady / lady of pleasure / woman of the street..
القرف
وهذا ينطبق على البول والغائط والقيء والمراحيض وما يفرزه الجسد.
ـ فالكلمة الأساسية لما يخرج من الشرج ،hr ، ولها بدائل في الفصحى (البراز) (الغائط) (الحدث). وفي العامية يقولون (طلوع) (صبة) (نجس).
ـ وللفعل تبول بدائل كثيرة في العامية منها: (شخّ) (تسيّر) (فرّ) (طيّر مي) (طقش) (حاسب) (غير الزيت) (جنّ) (بشبش)..
ـ ومن الجدير بالذكر أن الناطقين بالإنكليزية يستخدمون عبارة May I wash my hands للتعبير عن فكرة ″أريد أن أتبول ″
ـ ولكلمة مرحاض بدائل كثيرة ، ففي الفصحى يقال: (الكنيف) (المستراح) (بيت الخلاء) (دورة المياه). وفي العامية يقال: (بيت المي) (بيت الأدب) (الأدب خانة) (الخارج) (الخلاصية) (الكبينة) (التواليت) (التشمة).
ـ وللفعل تقيأ بدائل كثيرة في العامية، منها (طش) (راجع) (استفرغ) (ردّ).
الخوف
وهذا ينطبق على الموت والأمراض الفتاكة.
ـ فالسرطان استعملوا له في العامية (الخبيث) (هداك المرض) (الزلعطان). والعامة تدعو على الشخص فتقول: (وأبو خبيط إن شاء الله ). أي ليتك تصاب بالسرطان.
ـ والحمى يقال لها في مصر (المبروكة).
ـ والبرص يكنى عنه بـ (السوء) ومنه قوله تعالى { } [لسان العرب 2/233].
ـ وللموت في العامية بدائل كثيرة، منها (وبا) (فنا) (قريضة) (حتفة)، وبدلاً من أن يقولوا ″مات″ يستخدمون تعبيرات من قبيل: (سلم الأمانة) (عطاك عمره) (خلص زيته) (ارتحم). ولهذا في الإنجليزية نظير، فأهلها يستخدمون في حالات كثيرة الفعل pass away بدلاً من die ″مات″.
ـ والعوام بدلاً من أن يستخدموا كلمة ″جني″ يقولون: ″بسم الله الرحمن الرحيم″ ″كش برا وبعيد″.
التقديس
وهذا ينطبق على لفظ الجلالة وأسماء الأنبياء والملائكة والأولياء، ففي كثير من الأحيان يحذفون اسم الله ويعوضون عن ذلك بتعبيرات من قبيل ″سبحانه وتعالى″ ″جلّ جلاله″ ″عز وجلّ″ ، وفي الإعراب عادة يستخدمون ″لفظ الجلالة″.
واليهود لا يستخدمون اسم Yahwe ومعناه الله الحي القيوم، ويستخدمون بدلاً منه Adonai ومعناها: "سيدي" ، وربما كان هذا من منطلق الخوف. ومما يدخل في باب التقديس أن الزوجة والأولاد عادة لا يستخدمون الاسم المباشر لمن هو أكبر منهم، وإنما يستخدمون الكنى والألقاب.
* * * * *

التسميات:

0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية